دراسات وأبحاث :القائد العيادي الرحماني ل ذ.عمر الابوركي

كعادته يتحفنا الأخ العزيز الدكتور عمر الإيبوركي ببحث يخص به موقع تاريخ الرحامنة بصفة حصرية حول القائد العيادي الرحماني. عنوان هذا البحث « دراسات وأبحاث :القائد العيادي الرحماني ». ونحن نزف إلي زوارنا الكرام وأعضائنا الأعزاء ولكل عشاق التاريخ الرحماني خاصة والتاريخ المغربي عامة , ننشر الجزء الأول من هذا البحث على موقع تاريخ الرحامنة.

يقدم لنا القائد العيادي الرحماني صورة نموذجية عن القائد المغربي بكل مظاهره الاجتماعية،وتفاعله ،واندماجه الكلي في السياق الاقتصادي والسياسي الذي طبع المجتمع المغربي خلال النصف الأول من القرن العشرين.لقد تمكن من بناء سلطته استنادا على أسرته التي توارثت الخدمة المخزنية،وبحكم طبيعته القبلية المحاربة.ساهم بفعالية في التحولات التي عرفتها القبيلة، وأظهر ذكاء وفطنة في التفاعل مع الأحداث،وحدسا في التنبؤ بالتحولات. إن السلطة فعالية إنسانية،وسيرورة تتداخل فيها عوامل متعددة،يمكن للنموذج القائدي أن يكشف لنا عنها من خلال توسع نفوذه داخل قبيلة الرحامنة،وعلاقته مع مؤسستي المخزن والاستعمار،لأنه انطلق من العشيرة والقبيلة ليكسب اعتراف المخزن،ودفع القبيلة إلى التفاعل مع محيطها الخارجي اقتصاديا وسياسيا.انه لا يختلف عن بقية النماذج القائدية الأخرى على مستوى الأسس السوسيو-ثقافية،أو المظاهر الاجتماعية والاقتصادية.

فكيف ساهم في بلورة هذا النموذج القائدي؟ وما هي انعكاسات سلطته على تحول المجال القبلي للرحامنة؟ وما حدود تجلياتها خارج هذا المجال؟


أولا:العيادي من القبيلة إلى المخزن

ينتسب القائد العيادي إلى أسرة ذات نفوذ داخل المجال الرحماني على الطريق الرابطة بين منطقتي الشاوية و الحوز نحو مدينة مراكش.إن زعامته جزء من النظام الاجتماعي العتيق المبني على العشيرة داخل القبيلة،كان ينتمي إلى أسرة معروفة بخدمتها المخزنية،وكان محاربا صلبا،قبل أن يصبح موظفا مخزنيا.وهذا يبرز أسسه العائلية،وارتباطاته العشائرية،ومميزاته الشخصية.

كان التنظيم القبلي يفرض وجود رؤساء محاربين يرثون هذه الوظيفة التي قد تستمر عبر أجيال. والرحامنة لا تخرج عن هذه القاعدة،بحيث نجد أن أسرة العيادي تبوأت الزعامة منذ القرن السابع عشر.فنجد أن أول أسلافه عبد الله بن عبد الرحمان عاش خلال القرن السابع عشر الميلادي،وكان فقيها ومحاربا يجمع بين حفظ القرآن والسلاح،وهو أول من كرس زعامة هذه الأسرة عندما منع مرور المحلة السلطانية من المجال الرحماني وهي قادمة من مدينة مكناس متجهة نحو منطقة سوس.وبعده جاء ابنه جعفر بن عبد الله الذي كان شيخا مخزنيا،وخلفه في وظيفته ابنه أمبارك بن جعفر الذي تلقى تعليما دينيا بجامع بنيوسف بمراكش،وبجامعة القرويين بفاس.لم يكن هذا الشيخ رجل حرب بل فقيها مثقفا،وكان صديقا لأحد الفقهاء بمراكش يدعى أحمد بنزاوية،ونظرا لتدينه وتأثره بهذا الشخص الصوفي الورع أطلق اسمه على ابنه محمد بنزاوية،والذي ورث مهمة والده بعد وفاته بالشلالكة مهد الأسرة العيادية.في سنة 1792ه/1206م قصد محمد بنزاوية بن أمبارك مدينة مكناس مع وفد من أعيان الرحامنة لتقديم الولاء للسلطان مولاي سليمان،وعاد إلى مدينة مراكش صحبة المحلة السلطانية.وتوفي هذا الشيخ حوالي 1237ه/1822م وانتقلت المشيخة إلى ابنه الأكبر أمبارك بن محمد بنزاوية والذي عاصر حرب تطوان سنة 1859م. حوالي 1278ه/1861م سيظهر الهاشمي بن أمبارك في عهد السلطان الحسن الأول، أصبح شيخا مخزنيا أيام القائد عبد الحميد الرحماني،واشتهر كرجل حرب شارك في الحركات القبلية و المخزنية ، كما عرف بكرمه لأنه كان يساعد الناس إبان المجاعة التي عرفها المغرب في النصف الثاني من القرن التاسع عشر،وتوفي أياما قليلة قبل وفاة السلطان سنة 1894م.بعد وفاته تقلد المشيخة ابن أخيه أحمد بن آمحمد الملقب بالكراوي،والذي كان رجل حرب وبارود أثناء انتفاضة الرحامنة نهاية القرن التاسع عشر،وكان من المعارضين لسياسة الوزير احمد بن موسى (باحماد)،فألقي عليه القبض وأنهى أيامه بالسجن.وهو الذي تربى ابن عمه ميلود بن الهاشمي الملقب بالعيادي في كنفه،وكلفه بوظيفة رقاص إلى القائد عبد الحميد الرحماني،وهي المهمة التي مكنته من التعرف على شؤون القبيلة وخفايا الأمور السياسية .

وفيما يلي شجرة أسلاف العيادي منذ القرن السابع عشر:

L'arbre de la famille du Caid Layadi
L’arbre de la famille du Caid Layadi